د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي
تعمل شركة الطيران العماني على تعديل أوضاعها المالية من خلال تخفيض الخسائر التشغيلية من جهة، والعمل على دفع المديونية التي ترتبت عليها عن الالتزامات المالية السابقة والخسائر التي لحقت بها من جهة أخرى. ووفق توجيهات المسؤولين بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، فإن الشركة عازمة على مواجهة تلك التحديات والصعوبات المالية والإدارية وذلك من خلال اتباع سياسة الإعلان والشفافية من أجل توضيح الحقائق للجمهور والالتزام بالرصانة المالية لها لتحسين وضعها خلال المرحلة المقبلة. وهذا ما أكد عليه معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في حديثه لإذاعة "مسقط اف ام" فيما يتعلق بهذه السياسة مؤخرًا، خاصة حول الوضع المالي للشركة ومديونيتها وخططها العملية المستقبلية.
ويبدو من خلال حديث الوزير بأن الشركة ما زالت تواجه خسائر تشغيلية في أعمالها، حيث إن حجم أصولها لا يتناسب مع ديونها الكبيرة، خاصة وأنها ملتزمة بدفع فوائد الديون المترتبة عليها والتي تزيد عن الأرباح السنوية التي تحققها في هذه المرحلة، في الوقت الذي تبذل فيه الإدارة الحالية جهدا لتصفير هذه الديون خلال المرحلة المقبلة -بدون دعم حكومي أو مصدر تمويل مصرفي خارجي. وبهذه النتيجة يرى الوزير بأنه لا يمكن لأي رئيس تنفيذي في العالم حلّ هذه المعضلة التي تفاقمت عن السنوات الماضية. فيما تعمل الشركة حاليا على التقليل من الخسائر التشغيلية لتصل إلى الصفر في غضون بضع سنوات قادمة من خلال تقليل كلفة التشغيل السنوي، والعمل على تحسين الدخل ونوعيته وجودته.
ووفقًا لحديث الوزير وبيانات الشركة، فإن الطيران العماني تمكّن خلال العام 2024 وقبله من خفض خسائر التشغيل بواقع 100 مليون ريال عماني، حيث كانت تصل الخسائر في السابق إلى 190 مليون ريال عماني، وأصبحت تلك الخسائر في حدود 90 مليون ريال عماني حاليا، بينما من المتوقع في العام الحالي تخفيض تلك الخسائر التشغيلية للشركة في حدود 40 مليون ريال عماني أخرى، وتبقى الخسائر عندئذ في حدود 50 مليون ريال عماني. أما خلال السنة القادمة فمن المتوقع أن تصل هذه الخسائر التشغيلية إلى نقطة التعادل، وبعدئذ تستطيع الشركة تحقيق الأرباح التي سوف تغطي معظم المديونية المترتبة عليها، وتكون لديها الرصانة المالية التي تريد تحقيقها في السنوات المقبلة. وهذا ما ذكره الوزير في مقابلته مع الأخيرة، بأنه تم الاتفاق مع الجهات الحكومية ومجلس إدارة الشركة والإدارة التنفيذية بأن تلتزم الشركة بدفع ديونها السابقة بعيدة عن الدعم والتمويل الحكومي، وكذلك العمل على تحقيق الأرباح التشغيلية والابتعاد عن تحقيق الخسائر والاهتمام بالرصانة المالية للشركة من خلال اتباع تلك السياسة والتوجهات التي تم وضعتها الشركة لتحقيق هذا الأمر الإيجابي.
وفي الوقت الذي تبذل فيه الشركة هذه الجهود لتحسين الأوضاع المالية، فإنها تبدي حرصها على ترسيخ وتمكين الكوادر الوطنية لتولي المناصب القيادية العليا من خلال تعيين كفاءات جيدة تمتلك الخبرات اللازمة في تلك المجالات ضمن استراتيجيتها الجديدة، بحيث يمنح العُمانيون الثقة والمسؤولية في أحد أكثر القطاعات الاقتصادية أهمية، وتكريس مبدأ الاعتماد على الكوادر الوطنية لدفع عجلة التعمين قدمًا خلال المرحلة المقبلة.
وتشير البيانات الرسمية للشركة إلى أن معدل التعمين في الشركة ارتفع من 74.8% في عام 2023 إلى 79.4% في عام 2024، أي بنسبة زيادة بلغت 6.15%، في الوقت الذي تعمل فيه الشركة على تطوير السياسات الداخلية الهادفة لها من خلال توفير بيئة عمل تنافسية مع الشركات التي تعمل في المنطقة وخارجها من أجل تحقيق الضمان، وكذلك إيجاد الاستقرار التشغيلي للشركة وتعزيز قدرتها في اتخاذ القرارات الحكيمة لتعزيز نموها السنوي. كما تعمل الشركة على مواجهة التحديات العالمية التي نتجت عن تفشي جائحة كورونا خلال السنوات الماضية التي أدت إلى حدوث اضطرابات في سوق العمل الجوي وسلاسل التوريد بجانب العمل على ترسيخ صورة الشركة كمؤسسة وطنية طموحة وناجحة في هذا القطاع الحيوي، مع الاستمرار في بناء قيادات وطنية قادرة للعمل في هذه الأعمال واتباع سياسات الابتكار والإبداع في الشركة، والإسراع في عملية الإحلال المتدرج الذي لا يخل بالخدمات نوعًا وكمًا وكيفًا، ضمن الرؤية المستقبلية لهذه الشركة.
إن خطط الشركة تؤكد بأن الطيران العماني متوجه اليوم إلى تقليص خسائر الشركة مع العمل المستمر في زيادة معدلات النمو في الإيرادات وتحسين الأداء المالي لها دون اللجوء إلى الاقتراض من بنوك تجارية أو الحصول على دعم حكومي خلال العام الحالي والأعوام المقبلة.